دخلت آلة التصوير للعراق عام 1895م أي قبل الحملة البريطانية على العراق ويقال أن المصور (عبد الكريم ابراهيم يوسف تبوني) وهو مسيحي كلداني من اهالي البصرة كان قد سافر الى بومباي بالهند للدراسة وهو من اوائل الذين مارسوا فن التصوير في العراق, في البصرة,
بعد عودته للعراق حيث جلب معه استوديو للتصوير الفوتوغرافي.. .
والعراق من أول البلدان العربية التي دخل فيها التصوير الفوتوغرافي وربما للاحتلالات المعاصرة له وخاصة من الدول الغربية وهجرة أقوام اجنبية للعيش فيه مثل الارمن، ونزوح أخرين للعمل فيه وخاصة في نهاية القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين ...
وبعد دخول الانكليز العراق واكتشاف النفط فيه واخرين جاؤوا مع الحملات التبشيرية وخاصة الاباء الدومنيكان الذين استقروا في الولايات العراقية المهمة الثلاث وهي الموصل وبغداد والبصرة ...
حيث جاءوا بعلوم وثقافات كثيرة مع حملاتهم التبشيرية وتعليم العراقيين مهن جديدة وحديثة انذاك ومن ضمن تلك المهن التصوير الفوتوغرافي الذي كان من المهن الحديثة جدا ولاوجود له تقريبا في العراق في القرن الثامن عشر فاقتصر التصوير على العائلات من الطبقات الراقية وبيوت الذوات فنشاهد لهذا اليوم صورا لامراء واغنياء وناس مشهورة من تلك الحقبات.
أكثر فئة من فئات الشعب العراقي امتهن مهنة التصوير في تاريخ العراق هم ارمن العراق الذين انتقلوا الى ارض الشتات كما يسمونها ومن ضمن تلك الاراضي هي العراق حيث تجذروا فيه واصبحوا عرقا مهما في المجتمع العراقي وتأصلوا على عاداته وتقاليده واصبحوا تكملة من ارث العراق وحضارته مما يمتلكون من ثقافة وعادات اصيلة وعلوم وكان التصوير مهنتهم الاولى لان احتكاكهم بالاحتلال الانكليزي حيث كانوا اغلبيتهم يعملون في الترجمة ودخولهم مدارس الدومنيكان فنجد مصورين مشهورين جدا وكثيرين لم يذكرهم التاريخ في جميع انحاء العراق من الموصل الى البصرة.
وفي البصرة كان تصوير ستراك الاشهر بشارع الوطن وتصوير كارو مقابل سينما اطلس وابراهيم وقاسم وابو النور...وغيرهم
وكذلك الموصل كانت منبع للتصوير فكانت تحوي مصورين عظماء امثال نعوم الصائغ والد الكاتب (يوسف الصائغ) الذي امتهن التصوير في اواخر القرن الثامن عشر وكذلك المصور (يوسف سنبل) وكانوا يستخدمون التصوير الشمسي انذاك ويستعملون الكاميرات ذات الصندوق الخشبي وقطعة القماش الاسود من خلفها حيث كان يدخل المصور راسه ويصور بانفجار هائل يولده الفلاش القديم .ودخول التصوير بغداد هو لنزوح سكان الموصل وباقي المحافظات الى العاصمة الجميلة عاصمة الثقافة والحضارة والتحضر فاشتهر مصورون كثيرون انذاك امثال المصور (عبوش) الذي كان مصور الملك غازي المقرب والمصور (ارشاك) الذي كان الاستديو خاصته في شارع الرشيد واصبح معلم لشهرته وكذلك المصور الكبير (مراد الداغستاني) صاحب ستديو (مراد ) و المصور الاهلي في الحيدرخانة الذي أرشف لنا تاريخ بغداد بصوره . وستوديو بابل لصاحبه المرحوم مسيو جان، وستوديو قرطبة في شارع النضال منذ الخمسينات للمصور الصحفي امري سليم، والفنان المصور حازم باك صاحب ستديو ومختبرات باك للتصوير الملون والمصور آكوب خال المصور الفنان مراد الداغستاني. كوفاديس ماكريان ,سامي النصراوي,احمد القباني,جاسم الزبيدي، المصور فؤاد شاكر والمصور الصحفي رشاد غازي وآخرين غيرهم ويعتقد ان أول مصور يدعى (طاطران) هو أول من عمل بالتصوير الشمسي وزاول عمله عند مدخل الاعدادية المركزية في الموصل. أما عن استيراد مواد التصوير من اوراق واحماض وافلام وكاميرات ومواد اخرى تدخل في التصوير فكانت عن طريق التاجر المعروف (حافظ القاضي).
ونظرا لكون من امتهنوا التصوير كانوا من الرجال فقد كانت هناك ردود أفعال كثيرة في المجتمع العراقي الملتزم بالدين وتسوده تقاليد اجتماعية، حيث كانت معظم العوائل ترى في التقاط الصورة أو كما يسمونه(الرسم) عيبا كبيرا . حتى جاءت مصورة أرمنية الاصل من ايران الى بغداد تدعى (ليليان) أختصت بتصوير العوائل والعائلة الملكية . ويذكر الكاتب أمين الريحاني في كتابه ملوك العرب – اضطرار الملك فيصل الاول لتصوير زوجته بسبب الحاجة الماسة للعلاج في سويسرا فجاء المصور الى القصر الملكي وقام بتصويرها صورة واحدة فقط , ثم أُتلِف الفيلم السالب . هذه الحادثة تعكس جانبا من نظرة المجتمع الى فن التصوير آنذاك كنتيجة افرازات اجتماعية ودينية بينما التصوير لم يكن منهيا عنه جملة.
وبعد ذلك وبعد الانفتاح على العالم كان ريادة التصوير الفوتوغرافي في العراق له تقبل واعجاب من قبل الشعب العراقي فلطالما كان تلهفهم الى دخول صالات التصوير لكي يلتقطو اجمل البورتريهات لهم ومازالت عالقة في اذهان كبيري السن الان وشعورهم حين كان يأخذهم والديهم الى المصورين كم كانوا يشعرون بالسعادة وسعادتهم تكبر حين تظهر الصور بعد اسبوع او اقل بقليل وتكون ملامحمهم جميلة فيها وخاصة كان للمصور وزنه الفني حيث لاوجود لبرامج تعيد تعديل الصورة انما تظهر الصور كما التقطت بغض النظر عن بعض التعديلات الرتوش التي يقوم بها المصورين البارعين. ومن المصورين العراقيين المعروفين عالميا المصور سفيان الخزرجي والمقيم حاليا في السويد.
وعن التصوير الملون ودخوله الى العراق فكانت في نهاية السبعينيات حيث كان ستديو (باك) لصاحبه المصور الفنان حازم باك اول من ادخل مكائن طبع الصور الملونة اليابانية وكانت ضجة قوية انذاك حيث استطاع الناس ان يروا انفسهم بالاوان فكانت طفرة تقنية كبيرة فتحت ابواب التطورات الاخرى لتطوير التصوير الفوتوغرافي.