سُمِع الأصمعي مراراً يردد : ” سمعت هارون الرشيد يقول : نظرنا فاذا كل ذهب وفضة على وجه الأرض لا يبلعان ثمن نخيل البصرة “. هذا بعض ما وجدناه في التراث القديم حيث كان ذلك في غابر الزمان وسالف الأيام ولكن الحديث يجرنا إلى الماضي القريب نسبياً، حينما بدأ انتشار تلك الثمر في بلدان تقرأ عنه في الكتب الدينية ولا تعرف عنها الا القليل ولم تذوق لذة طعمها وحلاوته.
فمثلا نجد ” انجهولت ” أحد الرحالة الأوروبيين يذكر عنها عند حلوله البصرة في نوفمبر 1866 : ” أن بدأ بارسال كمية من التمور إلى أوروبا “. لكن ” فوتنيه ” القنصل الفرنسي في البصرة عام 1833 يقول : ” ترسوا كل سنة في نهر البصرة (شط العرب) نحو مائة وخمسين بغلة (سفينة شراعية) منها للعرب ومنها من تحمل العلم الإنجليزي لتنقل التمر، وهو عماد الثروة الرئيس للبصرة في العقد الأول للقرن التاسع عشر “.
ولكن بعد افتتاح قناة السويس عام 1896 ابتدأ تصدير التمور بانتظام إلى أمريكا حيث تبحر بواخر محملة بتمور البصرة في منتصف شهر سبتمبر كل عام بعد موسم جني المحصول. وكان متوسط ما تنقله حوالي ستين طناً ويمكن تخمين محموع كمية ما يصدر بنحو اثنا عشر طن تبلغ قيمتها مليونيين من الفرنكات أي ما يقابل 80 ألف باون ذهب إنكليزي، مما يعني أن قيمة الكارة ( وحدة من أوزان التمور في البصرة تعادل 2794 كيلوغرام ) تبلغ خمسة وعشرين باون ذهب.